Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة القصص - الآية 81

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ (81) (القصص) mp3
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى اِخْتِيَال قَارُون فِي زِينَته وَفَخْره عَلَى قَوْمه وَبَغْيه عَلَيْهِمْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَسَفَ بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عِنْد الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُل يَجُرّ إِزَاره إِذْ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِي الْأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيث جَرِير بْن زَيْد عَنْ سَالِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا النَّضْر بْن إِسْمَاعِيل أَبُو الْمُغِيرَة الْقَاصّ حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ عَطِيَّة عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَمَا رَجُل مِمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ خَرَجَ فِي بُرْدَيْنِ أَخْضَرَيْنِ يَخْتَال فِيهِمَا أَمَرَ اللَّه الْأَرْض فَأَخَذَتْهُ فَإِنَّهُ لَيَتَجَلْجَل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد وَإِسْنَاده حَسَن وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَة حَدَّثَنَا يَعْلَى بْن مَنْصُور أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن مُسْلِم سَمِعْت زِيَاد النُّمَيْرِيّ يُحَدِّث عَنْ أَنَس بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَمَا رَجُل مِمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ خَرَجَ فِي بُرْدَيْنِ فَاخْتَالَ فِيهِمَا فَأَمَرَ اللَّه الْأَرْض فَأَخَذَتْهُ فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظ مُحَمَّد بْن الْمُنْذِر فِي كِتَاب الْعَجَائِب الْغَرِيبَة بِسَنَدِهِ عَنْ نَوْفَل بْن مُسَاحِق قَالَ رَأَيْت شَابًّا فِي مَسْجِد نَجْرَان فَجَعَلْت أَنْظُر إِلَيْهِ وَأَتَعَجَّب مِنْ طُوله وَتَمَامه وَجَمَاله فَقَالَ مَا لَك تَنْظُر إِلَيَّ ؟ فَقُلْت أَعْجَب مِنْ جَمَالك وَكَمَالِك . فَقَالَ إِنَّ اللَّه لَيَعْجَب مِنِّي قَالَ فَمَا زَالَ يَنْقُص وَيَنْقُص حَتَّى صَارَ بِطُولِ الشِّبْر فَأَخَذَهُ بَعْض قَرَابَته فِي كُمّه وَذَهَبَ بِهِ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَلَاك قَارُون كَانَ مِنْ دَعْوَة مُوسَى نَبِيّ اللَّه عَلَيْهِ السَّلَام وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبه فَعَنْ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ أَنَّ قَارُون أَعْطَى اِمْرَأَة بَغِيًّا مَالًا عَلَى أَنْ تَبْهَت مُوسَى بِحَضْرَةِ الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَهُوَ قَائِم فِيهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ كِتَاب اللَّه تَعَالَى فَتَقُول يَا مُوسَى إِنَّك فَعَلْت بِي كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ فِي الْمَلَإِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَرْعَدَ مِنْ الْفَرَق وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدك بِاَللَّهِ الَّذِي فَرَقَ الْبَحْر وَأَنْجَاكُمْ مِنْ فِرْعَوْن وَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَمَا أَخْبَرْتنِي بِاَلَّذِي حَمَلَك عَلَى مَا قُلْت ؟ فَقَالَتْ أَمَا إِذَا نَشَدْتنِي فَإِنَّ قَارُون أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ أَقُول ذَلِكَ لَك وَأَنَا أَسْتَغْفِر اللَّه وَأَتُوب إِلَيْهِ فَعِنْد ذَلِكَ خَرَّ مُوسَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاجِدًا وَسَأَلَ اللَّه فِي قَارُون فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ قَدْ أَمَرْت الْأَرْض أَنْ تُطِيعك فِيهِ فَأَمَرَ مُوسَى الْأَرْض أَنْ تَبْتَلِعهُ وَدَاره فَكَانَ ذَلِكَ . وَقِيلَ إِنَّ قَارُون لَمَّا خَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته تِلْكَ وَهُوَ رَاكِب عَلَى الْبِغَال الشُّهُب وَعَلَيْهِ وَعَلَى خَدَمه ثِيَاب الْأُرْجُوَان الْمُصَبَّغَة فَمَرَّ فِي مَحْفِله ذَلِكَ عَلَى مَجْلِس نَبِيّ اللَّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يُذَكِّرهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه فَلَمَّا رَأَى النَّاس قَارُون اِنْصَرَفَتْ وُجُوههمْ نَحْوه يَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ فَدَعَاهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ : مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ فَقَالَ يَا مُوسَى أَمَا لَئِنْ كُنْت فُضِّلْت عَلَيَّ بِالنُّبُوَّةِ فَلَقَدْ فُضِّلْت عَلَيْك بِالدُّنْيَا وَلَئِنْ شِئْت لَتَخْرُجَنَّ فَلَتَدْعُوَنَّ عَلَيَّ وَأَدْعُو عَلَيْك فَخَرَجَ مُوسَى وَخَرَجَ قَارُون فِي قَوْمه فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام تَدْعُو وَأَدْعُو أَنَا ؟ فَقَالَ بَلْ أَدْعُو أَنَا فَدَعَا قَارُون فَلَمْ يُجَبْ لَهُ ثُمَّ قَالَ مُوسَى أَدْعُو ؟ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ مُوسَى اللَّهُمَّ مُرْ الْأَرْض أَنْ تُطِيعنِي الْيَوْم فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ فَعَلْت فَقَالَ مُوسَى يَا أَرْضِي خُذِيهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامهمْ . ثُمَّ قَالَ خُذِيهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ ثُمَّ إِلَى مَنَاكِبهمْ ثُمَّ قَالَ أَقْبِلِي بِكُنُوزِهِمْ وَأَمْوَالهمْ قَالَ فَأَقْبَلَتْ بِهَا حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهَا ثُمَّ أَشَارَ مُوسَى بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ اِذْهَبُوا بَنِي لَاوَى فَاسْتَوَتْ بِهِمْ الْأَرْض وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : خُسِفَ بِهِمْ إِلَى الْأَرْض السَّابِعَة وَقَالَ قَتَادَة : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُخْسَف بِهِمْ كُلّ يَوْم قَامَة فَهُمْ يَتَجَلْجَلُونَ فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَقَدْ ذُكِرَ هَهُنَا إِسْرَائِيلِيَّات غَرِيبَة أَضْرَبْنَا عَنْهَا صَفْحًا ; وَقَوْله تَعَالَى : " فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه وَمَا كَانَ مِنْ الْمُنْتَصِرِينَ " أَيْ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَاله وَلَا جَمْعه وَلَا خَدَمه وَحَشَمه وَلَا دَفَعُوا عَنْهُ نِقْمَة اللَّه وَعَذَابه وَنَكَاله وَلَا كَانَ - هُوَ فِي نَفْسه مُنْتَصِرًا لِنَفْسِهِ فَلَا نَاصِر لَهُ مِنْ نَفْسه وَلَا مِنْ غَيْره .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار

    تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار : فإن من أفضل ما يتخلق به الإنسان وينطق به اللسان الإكثار من ذكر الله - سبحانه وتعالى -، وتسبيحه، وتحميده وتلاوة كتابه العظيم، والصلاة والسلام على رسوله محمد - صلوات الله وسلامه عليه -، مع الإكثار من دعاء الله سبحانه وسؤاله جميع الحاجات الدينية والدنيوية، والاستعانة به، والالتجاء إليه بإيمان صادق وإخلاص وخضوع، وحضور قلب يستحضر به الذاكر والداعي عظمة الله وقدرته على كل شيء وعلمه بكل شيء واستحقاقه للعبادة. وفي هذه الرسالة مجموعة من الأذكار والأدعية المشروعة عقب الصلوات الخمس، وفي الصباح والمساء، وعند النوم واليقظة، وعند دخول المنزل والخروج منه، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الخروج للسفر والقفول منه، وقد اقتصر المصنف - رحمه الله - على ما صحت به الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره؛ لتكون زاداً للمسلم وعوناً له بمشيئة الله تعالى في المناسبات المذكورة مع أحاديث أخرى في فضل الذكر والدعاء.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/70858

    التحميل:

  • الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة

    الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه كلمات مختصرات في «الجهاد في سبيل الله تعالى»، بَيَّنْتُ فيها: مفهوم الجهاد، وحكمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواع الجهاد في سبيل الله، وأهدافه، والحكمة من مشروعيته، وفضله، والترهيب مِن ترك الجهاد في سبيل الله، وبيان شهداء غير المعركة، وأسباب وعوامل النصر على الأعداء».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1921

    التحميل:

  • الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

    الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة: يتكون هذا الكتاب من جزئين: الجزء الأول: يحتوي على 150 درسًا يوميًّا للدعاة والخطباء وأئمة المساجد للقراءة على المصلين. الجزء الثاني: يحتوي على 100 درسًا. - قدَّم للكتاب مجموعة من المشايخ، وهم: الشيخ عبد العزيز الراجحي، والشيخ ناصر بن سليمان العمر، والشيخ سعد بن عبد الله الحُميد، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد - حفظهم الله تعالى -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/197324

    التحميل:

  • تطريز رياض الصالحين

    تطريز رياض الصالحين : إن كتاب رياض الصالحين من الكتب الشريفة النافعة، فقد جمع بين دفتيه جوامع الكلم من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآيات كتاب الله العزيز، جعله مصنفه مشتملاً على ما يكون طريقاً لصاحبه إلى الآخرة، ومحصِّلاً لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعاً للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السائرين إلى الله: من أحاديث الزهد وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك مما يهذب سلوك الإنسان. وقد صدر أبواب الكتاب بآيات قرآنية، مع ضبط ما يحتاج إلى ضبط من ألفاظ الأحاديث أو شرح معنى خفي من ألفاظه، فجاء كتاب جامعاً في بابه، لذلك اهتم العلماء به شرحاً وتحقيقاً وتعليقاً، واهتم به العامة قراءة وتدبراً وتطبيقاً، حتى أنك لا ترى بيتاً ولا مكتبة ولا مسجداً في مشارق الأرض ومغاربها إلا وتجد فيها هذا الكتاب. وهذا الكتاب الذي بين يدينا هو واحد من تلك الجهود حول هذا الكتاب المبارك، فقد قام الشيخ فيصل - رحمه الله - بالتعليق على كتاب رياض الصالحين بتعليقات مختصرة مركزاً في تعليقاته على ذكر الفوائد المستنبطة من الحديث وقد يستشهد على الحديث بذكر آية، أو حديث أو أثر عن صحابي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2585

    التحميل:

  • صدقة التطوع في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

    صدقة التطوع في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «صدقة التطوع في الإسلام» بيَّنت فيها: مفهوم صدقة التطوع، وفضائلها العظيمة، وأفضل صدقات التطوع، والإخلاص شرط في قبول التطوع، وآداب الصدقة، وإطعام الطعام، وثواب الصدقة به، والصدقة على الحيوان، وصدقة القرض الحسن، والصدقة الجارية والوقف، وأن الصدقات من صفات المؤمنين، وصدقة الوصية بعد الموت، وأنّ الهدية، والعطية، والهبة تكون صدقات بالنية، ثم بيَّنت أنواع صدقات التطوع على حسب أنواعها، وذكرت مبطلات الصدقات، وبيَّنت موضوعات متنوعة في الصدقات، وذكرت فضل صدقة إعتاق الرقاب المسلمة، وبيّنت وصول ثواب الصدقات المهداة إلى أموات المسلمين، ثم ذكرت القناعة والعفّة، ثم أنواع المسألة الجائزة والممنوعة, وذكرت الزهد والورع».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193661

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة