Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 64

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) (آل عمران) mp3
هَذَا الْخِطَاب يَعُمّ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ " قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة " وَالْكَلِمَة تُطْلَق عَلَى الْجُمْلَة الْمُفِيدَة كَمَا قَالَ هَهُنَا ثُمَّ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ " سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُمْ " أَيْ عَدْل وَنِصْف نَسْتَوِي نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا ثُمَّ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ " أَنْ لَا نَعْبُد إِلَّا اللَّه وَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئًا " لَا وَثَنًا وَلَا صَلِيبًا وَلَا صَنَمًا وَلَا طَاغُوتًا وَلَا نَارًا وَلَا شَيْئًا بَلْ نُفْرِد الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَهَذِهِ دَعْوَة جَمِيع الرُّسُل قَالَ اللَّه تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ " وَقَالَ تَعَالَى" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمَّة رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَلَا يَتَّخِذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه " . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : يَعْنِي يُطِيع بَعْضنَا بَعْضًا فِي مَعْصِيَة اللَّه . وَقَالَ عِكْرِمَة : يَسْجُد بَعْضنَا لِبَعْضٍ " فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اِشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " أَيْ فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ هَذَا النِّصْف وَهَذِهِ الدَّعْوَة فَاشْهَدُوا أَنْتُمْ عَلَى اِسْتِمْرَاركُمْ عَلَى الْإِسْلَام الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لَكُمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيّ عِنْد رِوَايَته مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيّ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ بْن مَسْعُود عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ أَبِي سُفْيَان فِي قِصَّته حِين دَخَلَ عَلَى قَيْصَر فَسَأَلَهُ عَنْ نَسَبِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ صِفَته وَنَعْته وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْجَلِيَّة مَعَ أَنَّ أَبَا سُفْيَان إِذْ ذَاكَ كَانَ مُشْرِكًا لَمْ يُسْلِم إِلَّا بَعْد وَكَانَ ذَلِكَ بَعْد صُلْحِ الْحُدَيْبِيَة وَقَبْل الْفَتْح كَمَا هُوَ مُصَرَّح بِهِ فِي الْحَدِيث وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ : هَلْ يَغْدِر ؟ قَالَ : فَقُلْت لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّة لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِع فِيهَا قَالَ : وَلَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَة أَزِيد فِيهَا شَيْئًا سِوَى هَذِهِ وَالْغَرَض أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ جِيءَ بِكِتَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم : مِنْ مُحَمَّد رَسُول اللَّه إِلَى هِرَقْل عَظِيم الرُّوم سَلَام عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْد فَأَسْلِمْ تَسْلَم وَأَسْلِمْ يُؤْتِك أَجْرك مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْت فَإِنَّمَا عَلَيْك إِثْم الْأَرِيسِيِّينَ وَ " يَا أَهْل الْكِتَاب تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُمْ أَنْ لَا نَعْبُد إِلَّا اللَّه وَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اِشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق وَغَيْر وَاحِد أَنْ صَدْر سُورَة آل عِمْرَان إِلَى بِضْع وَثَمَانِينَ آيَة مِنْهَا نَزَلَتْ فِي وَفْد نَجْرَان . وَقَالَ الزُّهْرِيّ : هُمْ أَوَّل مَنْ بَذَلَ الْجِزْيَة وَلَا خِلَاف أَنَّ آيَة الْجِزْيَة نَزَلَتْ بَعْد الْفَتْح فَمَا الْجَمْع بَيْن كِتَابَة هَذِهِ الْآيَة قَبْل الْفَتْح إِلَى هِرَقْل فِي جُمْلَة الْكِتَاب وَبَيْن مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَق وَالزُّهْرِيّ ؟ وَالْجَوَاب مِنْ وُجُوه . " أَحَدهَا " يَحْتَمِل أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّة قَبْل الْحُدَيْبِيَة وَمَرَّة بَعْد الْفَتْح . " الثَّانِي " يَحْتَمِل أَنَّ صَدْر سُورَة آل عِمْرَان نَزَلَ فِي وَفْد نَجْرَان إِلَى هَذِهِ الْآيَة وَتَكُون هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ قَبْل ذَلِكَ وَيَكُون قَوْل اِبْن إِسْحَق إِلَى بِضْع وَثَمَانِينَ آيَة لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لِدَلَالَةِ حَدِيث أَبِي سُفْيَان . " الثَّالِث " يَحْتَمِل أَنَّ قُدُوم وَفْد نَجْرَان كَانَ قَبْل الْحُدَيْبِيَة وَأَنَّ الَّذِي بَذَلُوهُ مُصَالَحَة عَنْ الْمُبَاهَلَة لَا عَلَى وَجْه الْجِزْيَة بَلْ يَكُون مِنْ بَاب الْمُهَادَنَة وَالْمُصَالَحَة وَوَافَقَ نُزُول آيَة الْجِزْيَة بَعْد ذَلِكَ عَلَى وَفْق ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فَرْضُ الْخُمُس وَالْأَرْبَعَة أَخْمَاس وَفْق مَا فَعَلَهُ عَبْد اللَّه بْن جَحْش فِي تِلْكَ السَّرِيَّة قَبْل بَدْر ثُمَّ نَزَلَتْ فَرِيضَة الْقَسْم عَلَى وَفْق ذَلِكَ . " الرَّابِع " يَحْتَمِل أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ بِكَتْبِ هَذَا فِي كِتَابه إِلَى هِرَقْل لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْد ثُمَّ أُنْزِلَ الْقُرْآن مُوَافَقَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نَزَلَ بِمُوَافَقَةِ عُمَر بْن الْخَطَّاب فِي الْحِجَاب وَفِي الْأُسَارَى وَفِي عَدَم الصَّلَاة عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَفِي قَوْله " وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى " وَفِي قَوْله " عَسَى رَبّه إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ " الْآيَة.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أهمية القراءة وفوائدها

    أهمية القراءة وفوائدها : اشتملت هذه الرسالة على وصف الكتب المفيدة وأنها نعم الرفيق ونعم الأنيس في حالة الوحدة والغربة. والحث على اقتناء الكتب القديمة السلفية وفي مقدمتها كتب التفسير والحديث والفقه والتاريخ والأدب. كما اشتملت هذه الرسالة على شيء من أسباب تحصيل العلم وقواعد المذاكرة السليمة وملاحظات مهمة، وبيان المكتبة المختارة للشباب المسلم من كتب التفسير والتوحيد والعقائد والحديث والفقه والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، وذكر أسماء كتب ثقافية معاصرة، وأسماء مؤلفين ينصح باقتناء مؤلفاتهم والاستفادة منها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209002

    التحميل:

  • متى يشرق نورك أيها المنتظر ؟!

    متى يشرق نورك أيها المنتظر ؟! : قراءة في شخصية الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عند الشيعة الأثنى عشرية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/190984

    التحميل:

  • إغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات

    قال المؤلف - رحمه الله -: « فإن الله جل جلاله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف الإجلال والتعظيم. وذكر جل وعلا شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن نبذ أمره وعصاه ليتقوه بصالح الأعمال، ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه وياباه. وبعد فقد عزمت - إن شاء الله تعالى - أن أجمع من كلام الله - جل جلاله وتقدست أسماؤه -، ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كلام أهل العلم، ما يحثني وإخواني المسلمين على التأهب والاستعداد لما أمامنا، من الكروب والشدائد والأهوال والأمور العظائم والمزعجات المقلقات الصعاب. وسميت هذا الكتاب ( اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات ) ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2552

    التحميل:

  • مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل

    مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل: قال المؤلف - رحمه الله -: «فقد سألني جماعةٌ - شرح الله صدورهم لاتباع نبيِّه الكريم في العقائد والعبادات، وسائر الأحكام والآداب - أن أجمع لهم كتابًا مختصرًا سهل العبارة في العقائد والعبادات على مذهب الرسول والسلف الصالح; ليتمكَّنوا من اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، بدون حاجةٍ إلى الخوض في بحور كتب الحديث المُطوَّلة. فاستعنتُ بالله تعالى، وأجبتُ طلبهم، ونقلتُ لهم في العقائد ما أجمع عليه أهلُ السنة من كلام أئمة السنة، ولم أجعل فيه شيئًا من كلامي، واختصرتُ أحاديث العبادة، فأثبتُّ ما أمكن إثباتُه بلفظه، وسائره أثبتُّ معناه، فكل ما في هذا الكتاب ثابتٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه رأيٌ لغير المعصوم البَتَّة، فمن أخذ به فكأنه يأخذ الحكم من المصطفى - صلاة الله وسلامه عليه -».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344198

    التحميل:

  • أفرءيتم النار التي تورون

    أفرءيتم النار التي تورون : بحث للدكتور أحمد عروة، يبين فيه حقيقة النار.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.eajaz.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193681

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة