Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المجادلة - الآية 11

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) (المجادلة) mp3
يَقُول تَعَالَى مُؤَدِّبًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ وَآمِرًا لَهُمْ أَنْ يُحْسِن بَعْضهمْ إِلَى بَعْض فِي الْمَجَالِس " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِس " وَقُرِئَ " فِي الْمَجْلِس" " فَافْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ " وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة " وَفِي الْحَدِيث الْآخَر " وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِر يَسَّرَ اللَّه عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَاَللَّه فِي عَوْن الْعَبْد مَا كَانَ الْعَبْد فِي عَوْن أَخِيهِ " وَلِهَذَا أَشْبَاه كَثِيرَة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" فَافْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ " قَالَ قَتَادَة نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي مَجَالِس الذِّكْر وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَأَوْا أَحَدهمْ مُقْبِلًا ضَنُّوا بِمَجَالِسِهِمْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُفْسِح بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ فِي الصُّفَّة وَفِي الْمَكَان ضِيق وَكَانَ يُكْرِم أَهْل بَدْر مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار فَجَاءَ نَاس مِنْ أَهْل بَدْر وَقَدْ سَبَقُوا إِلَى الْمَجَالِس فَقَامُوا حِيَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك أَيّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته فَرَدَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ سَلَّمُوا إِلَى الْقَوْم بَعْد ذَلِكَ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ فَقَامُوا عَلَى أَرْجُلهمْ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يُوَسَّع لَهُمْ فَعَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلهُمْ عَلَى الْقِيَام فَلَمْ يُفْسَح لَهُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِمَنْ حَوْله مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار مِنْ غَيْر أَهْل بَدْر " قُمْ يَا فُلَان وَأَنْتَ يَا فُلَان " فَلَمْ يَزَلْ يُقِيمهُمْ بِعِدَّةِ النَّفَر الَّذِينَ هُمْ قِيَام بَيْن يَدَيْهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار مِنْ أَهْل بَدْر فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ مِنْ مَجْلِسه وَعَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرَاهَة فِي وُجُوههمْ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ صَاحِبكُمْ هَذَا يَعْدِل بَيْن النَّاس ؟ وَاَللَّه مَا رَأَيْنَاهُ قَبْل عَدَلَ عَلَى هَؤُلَاءِ إِنَّ قَوْمًا أَخَذُوا مَجَالِسهمْ وَأَحَبُّوا الْقُرْب مِنْ نَبِيّهمْ فَأَقَامَهُمْ وَأَجْلَسَ مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ فَبَلَغْنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " رَحِمَ اللَّه رَجُلًا يُفْسِح لِأَخِيهِ " فَجَعَلُوا يَقُومُونَ بَعْد ذَلِكَ سِرَاعًا فَيُفْسِح الْقَوْم لِإِخْوَانِهِمْ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة يَوْم الْجُمُعَة . رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد وَالشَّافِعِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يُقِيم الرَّجُل الرَّجُل مِنْ مَجْلِسه فَيَجْلِس فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا " وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث نَافِع بِهِ . وَقَالَ الشَّافِعِيّ أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَجِيد عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : قَالَ سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ جَابِر عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يُقِيمَن أَحَدكُمْ أَخَاهُ يَوْم الْجُمُعَة وَلَكِنْ لِيَقُلْ اِفْسَحُوا " عَلَى شَرْط السُّنَن وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو حَدَّثَنَا فُلَيْح عَنْ أَيُّوب عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن صَعْصَعَة عَنْ يَعْقُوب بْن أَبِي يَعْقُوب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يُقِيم الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسه ثُمَّ يَجْلِس فِيهِ وَلَكِنْ اِفْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ " وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ شُرَيْح بْن يُونُس وَيُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب عَنْ فُلَيْح بِهِ وَلَفْظه " لَا يَقُوم الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسه وَلَكِنْ اِفْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ " تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي جَوَاز الْقِيَام لِلْوَارِدِ إِذَا جَاءَ عَلَى أَقْوَال : فَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ " قُومُوا إِلَى سَيِّدكُمْ " وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُتَمَثَّل لَهُ الرِّجَال قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار " وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ يَجُوز عِنْد الْقُدُوم مِنْ سَفَر وَلِلْحَاكِمِ فِي مَحَلّ وِلَايَته كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قِصَّة سَعْد بْن مُعَاذ فَإِنَّهُ لَمَّا اِسْتَقْدَمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِمًا فِي بَنِي قُرَيْظَة فَرَآهُ مُقْبِلًا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ " قُومُوا إِلَى سَيِّدكُمْ " وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَكُونَ أَنْفَذ لِحُكْمِهِ وَاَللَّه أَعْلَم . فَأَمَّا اِتِّخَاذه دَيْدَنًا فَإِنَّهُ مِنْ شِعَار الْعَجَم وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَن أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَخْص أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِذَا جَاءَ لَا يَقُومُونَ لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَته لِذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي السُّنَن أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِس حَيْثُ اِنْتَهَى بِهِ الْمَجْلِس وَلَكِنْ حَيْثُ يَجْلِس يَكُون صَدْر ذَلِكَ الْمَجْلِس فَكَانَ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ يَجْلِسُونَ مِنْهُ عَلَى مَرَاتِبهمْ فَالصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُجْلِسهُ عَنْ يَمِينه وَعُمَر عَنْ يَسَاره وَبَيْن يَدَيْهِ غَالِبًا عُثْمَان وَعَلِيّ لِأَنَّهُمَا كَانَا مِمَّنْ يَكْتُب الْوَحْي وَكَانَ يَأْمُرهُمَا بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ عُمَارَة بْن عُمَيْر عَنْ أَبِي مَعْمَر عَنْ أَبِي مَسْعُود أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَام وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنْهُ مَا يَقُولهُ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَمَرَ أُولَئِكَ النَّفَر بِالْقِيَامِ لِيَجْلِس الَّذِينَ وَرَدُوا مِنْ أَهْل بَدْر إِمَّا لِتَقْصِيرِ أُولَئِكَ فِي حَقّ الْبَدْرِيِّينَ أَوْ لِيَأْخُذ الْبَدْرِيُّونَ مِنْ الْعِلْم نَصِيبهمْ كَمَا أَخَذَ أُولَئِكَ قَبْلهمْ أَوْ تَعْلِيمًا بِتَقْدِيمِ الْأَفَاضِل إِلَى الْأَمَام وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش عَنْ عُمَارَة بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَنْ أَبِي مَعْمَر عَنْ أَبِي مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَح مَنَاكِبنَا فِي الصَّلَاة وَيَقُول " اِسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِف قُلُوبكُمْ لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَام وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " قَالَ أَبُو مَسْعُود فَأَنْتُمْ الْيَوْم أَشَدّ اِخْتِلَافًا. وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَأَهْل السُّنَن إِلَّا التِّرْمِذِيّ مِنْ طُرُق عَنْ الْأَعْمَش بِهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا أَمْره لَهُمْ فِي الصَّلَاة أَنْ يَلِيه الْعُقَلَاء مِنْهُمْ وَالْعُلَمَاء فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي غَيْر الصَّلَاة . وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّة عَنْ كَثِير بْن مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَقِيمُوا الصُّفُوف وَحَاذُوا بَيْن الْمَنَاكِب وَسُدُّوا الْخَلَل وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانكُمْ وَلَا تَذْرُوا فُرُجَات لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّه وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّه " وَلِهَذَا كَانَ أُبَيّ بْن كَعْب سَيِّد الْقُرَّاء إِذَا اِنْتَهَى إِلَى الصَّفّ الْأَوَّل اِنْتَزَعَ مِنْهُ رَجُلًا يَكُون مِنْ أَفْنَاد النَّاس وَيَدْخُل هُوَ فِي الصَّفّ الْمُقَدَّم وَيُحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث " لَيَلِينِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَام وَالنُّهَى " وَأَمَّا عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَكَانَ لَا يَجْلِس فِي الْمَكَان الَّذِي يَقُوم لَهُ صَاحِبه عَنْهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَته الْحَدِيث الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ وَلِنَقْتَصِر عَلَى هَذَا الْمِقْدَار مِنْ الْأُنْمُوذَج الْمُتَعَلِّق بِهَذِهِ الْآيَة وَإِلَّا فَبَسْطه يَحْتَاج إِلَى غَيْر هَذَا الْمَوْضِع وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح " بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَة نَفَر فَأَمَّا أَحَدهمْ فَوَجَدَ فُرْجَة فِي الْحَلْقَة فَدَخَلَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَر فَجَلَسَ وَرَاء النَّاس وَأَدْبَرَ الثَّالِث ذَاهِبًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِخَبَرِ الثَّلَاثَة ؟ أَمَّا الْأَوَّل فَآوَى إِلَى اللَّه فَآوَاهُ اللَّه وَأَمَّا الثَّانِي فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّه مِنْهُ وَأَمَّا الثَّالِث فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّه عَنْهُ " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَتَّاب بْن زِيَاد أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه أَخْبَرَنَا أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يَحِلّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّق بَيْن اِثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أُسَامَة بْن زَيْد اللَّيْثِيّ بِهِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْرهمَا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى " إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِس فَافْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ " يَعْنِي فِي مَجَالِس الْحَرْب قَالُوا وَمَعْنَى قَوْله " وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا " أَيْ اِنْهَضُوا لِلْقِتَالِ وَقَالَ قَتَادَة " وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا " أَيْ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى خَيْر فَأَجِيبُوا وَقَالَ مُقَاتِل إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الصَّلَاة فَارْتَفِعُوا إِلَيْهَا وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم كَانُوا إِذَا كَانُوا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْته فَأَرَادُوا الِانْصِرَاف أَحَبَّ كُلّ مِنْهُمْ أَنْ يَكُون هُوَ آخِرهمْ خُرُوجًا مِنْ عِنْده فَرُبَّمَا يَشُقّ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَدْ تَكُون لَهُ الْحَاجَة فَأُمِرُوا أَنَّهُمْ إِذَا أُمِرُوا بِالِانْصِرَافِ أَنْ يَنْصَرِفُوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ اِرْجِعُوا فَارْجِعُوا " وَقَوْله تَعَالَى " يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَات وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير " أَيْ لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ إِذَا أَفْسَح أَحَد مِنْكُمْ لِأَخِيهِ إِذَا أَقْبَلَ أَوْ إِذَا أَمَرَ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ نَقْصًا فِي حَقّه بَلْ هُوَ رِفْعَة وَرُتْبَة عِنْد اللَّه وَاَللَّه تَعَالَى لَا يُضَيِّع ذَلِكَ لَهُ بَلْ يَجْزِيه بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّ مَنْ تَوَاضَعَ لِأَمْرِ اللَّه رَفَعَ اللَّه قَدْره وَنَشَرَ ذِكْره وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَات وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير " أَيْ خَبِير بِمَنْ يَسْتَحِقّ ذَلِكَ وَبِمَنْ لَا يَسْتَحِقّهُ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو كَامِل حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا اِبْن شِهَاب عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة أَنَّ نَافِع بْن عَبْد الْحَارِث لَقِيَ عُمَر بْن الْخَطَّاب بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَر اِسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّة فَقَالَ لَهُ عُمَر مَنْ اِسْتَخْلَفْت عَلَى أَهْل الْوَادِي ؟ قَالَ اِسْتَخْلَفْت عَلَيْهِمْ اِبْن أَبْزَى رَجُل مِنْ مَوَالِينَا فَقَالَ عُمَر اِسْتَخْلَفْت عَلَيْهِمْ مَوْلًى ؟ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ قَارِئ لِكِتَابِ اللَّه عَالِم بِالْفَرَائِضِ قَاصّ فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَمَا إِنَّ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ " إِنَّ اللَّه يَرْفَع بِهَذَا الْكِتَاب قَوْمًا وَيَضَع بِهِ آخَرِينَ . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ الزُّهْرِيّ بِهِ وَرُوِيَ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ عُمَر بِنَحْوِهِ وَقَدْ ذَكَرْت فَضْل الْعِلْم وَأَهْله وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيث مُسْتَقْصَاة فِي شَرْح كِتَاب الْعِلْم مِنْ صَحِيح الْبُخَارِيّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أحكام الداخل في الإسلام

    أحكام الداخل في الإسلام : دراسة فقهية مقارنة، فيما عدا أحكام الأسرة، وهو بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراة في الفقه الإسلامي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

    الناشر: جامعة أم القرى بمكة المكرمة http://uqu.edu.sa

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320710

    التحميل:

  • الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة

    الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة : قال المؤلف - أثابه الله - « اشتمل البحث - بعد المقدمة - على تمهيد تناولت فيه بعض الأمور ذات الصلة القوية بموضوع البحث، حيث ألمحت إلى ضرورة التثبت في نسبة الأحاديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتحذير من التساهل في ذلك، سواء كانت تلك الأحاديث في الأحكام أم في الفضائل. ثم تكلمت - في التمهيد أيضاً - عن دلالة الأحاديث الواردة في فضائل المدينة على استمرار ما اشتملت عليه من فضل، وذكرت أن تلك الأحاديث تنقسم إلى قسمين: قسم لم أر خلافاً بين العلماء في دلالته على استمرار ما اشتمل عليه من فضل، وقسم آخر اختلف العلماء فيه، وقد بينت أن الراجح في تلك الأحاديث القول بعمومها، وأن ما تضمنته من فضل ليس خصوصاً بزمن معين. ثم تكلمت عن تسمية المدينة، وبينت أن الثابت من أسمائها في السنة المطهرة ثلاثة أسماء هي: المدينة، وطابة، طيبة، أما يثرب فقد كانت تسمى به في الجاهلية، وقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمية المدينة بهذا الاسم. ثم ذكرت حدود المدينة التي بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي: ما بين عير إلى ثور من جهة الجنوب والشمال، والحرتان الشرقية والغربية وما بينهما من جهة الشرق والغرب، وكذلك وادي العقيق داخل في حرم المدينة أيضاً، ابتداء من ذي الحليفة إلى منتهاه عند مَجْمع السيول لوقوعه بين عير وثور. أما الأبواب الثلاثة التي تضمنت الأحاديث الواردة في فضائل المدينة، فقد اشتملت على خمسة وسبعين وثلاثمائة حديث غير المكرر، وبعض الأرقام السابقة ذكرت تحتها عدة ألفاظ بطرق مختلفة إلى الصحابي راوي الحديث، ولو جعلت لكل طريق رقماً خاصاً به لتضاعف العدد السابق. وقد بلغ عدد الأحاديث الصحيحة والحسنة ثلاثة وثلاثين ومائة حديث، وثمانية وخمسون حديثاً منها في الصحيحين أو أحدهما، وبلغ عدد الأحاديث الضعيفة ثلاثة وتسعين ومائة حديث، واحد وسبعون حديثاً منها ضعيف من جهة الإسناد، ومعانيها ثابتة في الطرق المتقدمة، أما الأحاديث الموضوعة فقد بلغ عددها تسعة وأربعين حديثاً. وهذه الأعداد التي ذكرتها - خلا ما في الصحيحين - هي بحسب ما توصلت إليه من خلال تتبعي لأقوال النقاد في الحكم على تلك الأحاديث، وكذلك من خلال دراستي للأسانيد والحكم عليها بما تقتضيه القواعد التي قعدها أئمة هذا الشأن، وبعض تلك الأحكام قد تختلف فيها وجهات النظر بحسب اختلاف النقاد في بعض الأمور التي بنيت تلك الأحكام عليها، كاختلافهم في بعض الرواة ونحو ذلك. ومن الجدير بالذكر أن كثيراً من الأحاديث الثابتة المتقدمة التي تضمنت فضائل للمدينة، تضمنت أيضاً فضائل لمكة، وتلك الأحاديث تبرز مكانة هاتين المدينتين الكريمتين وتُبيِّن فضلهما على غيرهما من البلدان، والتزام الأدب معهما من الساكن فيهما والقادم عليهما، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291784

    التحميل:

  • أعمال القلوب [ الرضا ]

    الرضا عمل قلبي من أرفع أعمال القلوب وأعظمها شأناً; وقد يبلغ العبد بهذا العمل منزلة تسبق منازل من أتعب بدنه وجوارحه في العمل; مع أن عمله أقل من عملهم. يقول ابن القيم: ( طريق الرضا والمحبة تُسيّر العبد وهو مستلق على فراشه; فيصبح أمام الركب بمراحل ).

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340020

    التحميل:

  • الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي

    الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي: بيان بعض محاسن الدين الإسلامي، وأهمية الحديث عن هذا الموضوع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2135

    التحميل:

  • الرد على المنطقيين

    الرد على المنطقيين [ نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان ] : كتاب رد فيه شيخ الإسلام على الفلاسفة وأهل المنطق، وبين فيه ضلالهم وجهلهم وفساد قولهم بما لا مزيد عليه، وهو كتاب سهل العبارة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/273056

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة