Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 155

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ۖ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ۖ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ۖ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ ۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) (الأعراف) mp3
قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة كَانَ اللَّه أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَار مِنْ قَوْمه سَبْعِينَ رَجُلًا فَاخْتَارَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَبَرَزَهُمْ لِيَدْعُوا رَبّهمْ وَكَانَ فِيمَا دَعَوْا اللَّه قَالُوا : اللَّهُمَّ أَعْطِنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا قَبْلنَا وَلَا تُعْطِهِ أَحَدًا بَعْدنَا فَكَرِهَ اللَّه ذَلِكَ مِنْ دُعَائِهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة " قَالَ رَبّ لَوْ شِئْت أَهْلَكْتهمْ مِنْ قَبْل وَإِيَّايَ " الْآيَة . وَقَالَ السُّدِّيّ إِنَّ اللَّه أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَأْتِيه فِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْعِجْل وَوَعَدَهُمْ مَوْعِدًا " وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمه سَبْعِينَ رَجُلًا " عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا فَلَمَّا أَتَوْا ذَلِكَ الْمَكَان قَالُوا " لَنْ نُؤْمِن لَك " يَا مُوسَى " حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة" فَإِنَّك قَدْ كَلَّمْته فَأَرِنَاهُ " فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة" فَقَامَ مُوسَى يَبْكِي وَيَدْعُو اللَّه وَيَقُول رَبّ مَاذَا أَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل إِذَا أَتَيْتهمْ وَقَدْ أَهْلَكْت خِيَارهمْ " رَبّ لَوْ شِئْت أَهْلَكْتهمْ مِنْ قَبْل وَإِيَّايَ " وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق اِخْتَارَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل سَبْعِينَ رَجُلًا الْخَيِّر فَالْخَيِّر وَقَالَ اِنْطَلِقُوا إِلَى اللَّه فَتُوبُوا إِلَيْهِ مِمَّا صَنَعْتُمْ وَسَلُوهُ التَّوْبَة عَلَى مَنْ تَرَكْتُمْ وَرَاءَكُمْ مِنْ قَوْمكُمْ صُومُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابكُمْ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى طُور سَيْنَاء لِمِيقَاتٍ وَقَّتَهُ لَهُ رَبّه وَكَانَ لَا يَأْتِيه إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ وَعِلْم فَقَالَ السَّبْعُونَ - فِيمَا ذُكِرَ لِي حِين صَنَعُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَخَرَجُوا مَعَهُ لِلِقَاءِ رَبّه - لِمُوسَى اُطْلُبْ لَنَا نَسْمَع كَلَام رَبّنَا فَقَالَ أَفْعَل فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنْ الْجَبَل وَقَعَ عَلَيْهِ عَمُود الْغَمَام حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَل كُلّه وَدَنَا مُوسَى فَدَخَلَ فِيهِ وَقَالَ لِلْقَوْمِ اُدْنُوا وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَ اللَّه وَقَعَ عَلَى جَبْهَة مُوسَى نُور سَاطِع لَا يَسْتَطِيع أَحَد مِنْ بَنِي آدَم أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ فَضُرِبَ دُونه بِالْحِجَابِ وَدَنَا الْقَوْم حَتَّى إِذَا دَخَلُوا وَقَعُوا سُجُودًا سَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّم يَأْمُرهُ وَيَنْهَاهُ اِفْعَلْ وَلَا تَفْعَل فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْره وَانْكَشَفَ عَنْ مُوسَى الْغَمَام فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا مُوسَى " لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة " وَهِيَ الصَّاعِقَة فَالْتَقَتْ أَرْوَاحهمْ فَمَاتُوا جَمِيعًا فَقَامَ مُوسَى يُنَاشِد رَبّه وَيَدْعُوهُ وَيُرَغِّب إِلَيْهِ وَيَقُول " رَبّ لَوْ شِئْت أَهْلَكْتهمْ مِنْ قَبْل وَإِيَّايَ" قَدْ سَفَّهُوا أَفَتُهْلِك مَنْ وَرَائِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل. وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق عَنْ عُمَارَة بْن عُبَيْد السَّلُولِيّ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : اِنْطَلَقَ مُوسَى وَهَارُون وَشِبْر وَشُبَيْر فَانْطَلَقُوا إِلَى سَفْح جَبَل فَقَامَ هَارُون عَلَى سَرِير فَتَوَفَّاهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل قَالُوا لَهُ أَيْنَ هَارُون قَالَ تَوَفَّاهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالُوا أَنْتَ قَتَلْته حَسَدْتنَا عَلَى خُلُقه وَلِينه أَوْ كَلِمَة نَحْوهَا قَالَ فَاخْتَارُوا مَنْ شِئْتُمْ قَالَ فَاخْتَارُوا سَبْعِينَ رَجُلًا قَالَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمه سَبْعِينَ رَجُلًا " فَلَمَّا اِنْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالُوا يَا هَارُون مَنْ قَتَلَك قَالَ مَا قَتَلَنِي أَحَد وَلَكِنْ تَوَفَّانِي اللَّه قَالُوا يَا مُوسَى لَنْ تُعْصَى بَعْد الْيَوْم فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة قَالَ فَجَعَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَرْجِع يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَالَ يَا رَبّ " لَوْ شِئْت أَهْلَكْتهمْ مِنْ قَبْل وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتك تُضِلّ بِهَا مَنْ تَشَاء وَتَهْدِي مَنْ تَشَاء " قَالَ فَأَحْيَاهُمْ اللَّه وَجَعَلَهُمْ أَنْبِيَاء كُلّهمْ هَذَا أَثَر غَرِيب جِدًّا وَعُمَارَة بْن عُبَيْد هَذَا لَا أَعْرِفهُ وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي سَلُول عَنْ عَلِيّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَمُجَاهِد وَابْن جَرِير أَنَّهُمْ أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة لِأَنَّهُمْ لَمْ يُزَايِلُوا قَوْمهمْ فِي عِبَادَتهمْ الْعِجْل وَلَا نَهَوْهُمْ وَيَتَوَجَّه هَذَا الْقَوْل بِقَوْلِ مُوسَى " أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا " وَقَوْله " إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتك" أَيْ اِبْتِلَاؤُك وَاخْتِبَارك وَامْتِحَانك قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو الْعَالِيَة وَرَبِيع بْن أَنَس وَغَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَاء السَّلَف وَالْخَلَف وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْر ذَلِكَ يَقُول إِنْ الْأَمْر إِلَّا أَمْرك وَإِنْ الْحُكْم إِلَّا لَك فَمَا شِئْت كَانَ تُضِلّ مَنْ تَشَاء وَتَهْدِي مَنْ تَشَاء وَلَا هَادِي لِمَنْ أَضْلَلْت وَلَا مُضِلّ لِمَنْ هَدَيْت وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت وَلَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت فَالْمُلْك كُلّه لَك وَالْحُكْم كُلّه لَك لَك الْخَلْق وَالْأَمْر وَقَوْله " أَنْتَ وَلِيّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْر الْغَافِرِينَ " الْغَفْر هُوَ السَّتْر وَتَرْك الْمُؤَاخَذَة بِالذَّنْبِ وَالرَّحْمَة إِذَا قُرِنَتْ مَعَ الْغَفْر يُرَاد بِهَا أَنْ لَا يُوقِعهُ فِي مِثْله فِي الْمُسْتَقْبَل" وَأَنْتَ خَيْر الْغَافِرِينَ " أَنْ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • شرح كشف الشبهات [ صالح آل الشيخ ]

    كشف الشبهات : رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان مقاصدها، وفي هذه الصفحة تفريغ للدروس التي ألقاها معالي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/305089

    التحميل:

  • مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

    مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «هذا موضوع مهم جدًّا ينبغي أن يُبيَّن ويُبرز من قبل العلماء المبرزين الذين بذلوا حياتهم وجهدهم في سبيل نشر هذا الدين، وإيصاله للناس بالوسائل والطرق النافعة المشروعة؛ ولكني سأذكر ما يسَّّر الله لي من هذه المقوّمات التي لا يستغنِي عنها الداعية في دعوته».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193642

    التحميل:

  • دفاع عن العقيدة وعن العلامة ابن باز والرد على جهالات المرتزقة

    دفاع عن العقيدة وعن العلامة ابن باز والرد على جهالات المرتزقة: بسط لعقيدة أهل السنة و الجماعة، و بيان لموردهم في عقيدة الأسماء و الصفات، و الذب عن حياض أهل العلم، و خاصة بن باز رحمه الله الذي كال له الحاقدين صنوف الإتهام و الإفك، ليصدوا العامة عن علمه الصافي و عقيدته السليمه لأغراض كاسدة بائسة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/76536

    التحميل:

  • انصر نبيَّك وكن داعيًا - مجموعة المقالات الفائزة

    انصر نبيَّك وكن داعيًا - مجموعة المقالات الفائزة: بين دفَّتَيْ هذه المجموعة أربعُ مقالاتٍ نافعة، حظِيَت برضا أعضاء لجان التحكيم بمسابقة الألوكة، وهي على وَجازتها أشبهُ بالعسل الخالص الذي هو شفاءٌ ولذَّةٌ للشاربين، وقد كُتِبَت بأسلوبٍ علميٍّ واضح، جمع بين الدقَّة وحُسن العرض، وامتازت بمعالجة قضايا فكرية وتربوية مهمة؛ لا مَندُوحة لمسلم عن علمِها، ويحسُن أن يطَّلِع عليها غيرُ المسلمين، ليقِفوا على ما امتازت به شريعةُ الإسلام من شُمولٍ وسماحةٍ، وعدلٍ وحكمةٍ. وتحتوي على أربع مقالات، وهي: 1- رسول السلام. 2- بعض ما قدَّمَته رسالة النبي للمرأة. 3- دور النبي محمد في تحضُّر العرب. بل كان نبيًّا رسولاً.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/341373

    التحميل:

  • حقيقة الانتصار

    حقيقة الانتصار: قال الشيخ في المقدمة: «فقد تأملت في واقع الدعوة اليوم، وما مرت به في خلال هذا العصر من محن وابتلاءات، ورأيت أن الأمة تعيش يقظة مباركة، وصحوة ناهضة، والدعاة يجوبون الآفاق، والجماعات الإسلامية انتشرت في البلدان، حتى وصلت إلى أوربا وأمريكا، وقامت حركات جهادية في بعض بلاد المسلمين كأفغانستان وفلسطين وأريتريا والفلبين وغيرها. ولكن لحظت أن هناك مفاهيم غائبة عن فهم كثير من المسلمين، مع أن القرآن الكريم قد بينها، بل وفصلها، ورأيت أن كثيرا من أسباب الخلل في واقع الدعوة والدعاة، يعود لغياب هذه الحقائق. ومن هذه المفاهيم مفهوم "حقيقة الانتصار"، حيث إن خفاءه أوقع في خلل كبير، ومن ذلك: الاستعجال، والتنازل، واليأس والقنوط ثم العزلة، وهذه أمور لها آثارها السلبية على المنهج وعلى الأمة. من أجل ذلك كله عزمتُ على بيان هذه الحقيقة الغائبة، ودراستها في ضوء القرآن الكريم».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337579

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة